عندما يكون الوجود بحد ذاتِه غير كافِ Post-Graduation Depression

نقضي سنوات حياتنا العشرين الاولى في نظام كوني حُدِّد من المجتمع والعُرف وهي سنوات الدراسة، -نمشي مع التيّار -من مرحلة لمرحلة بمعرفة مُسبقة بالخطوة القادمة من المرحلة التمهيدية الى الاكاديمية.

نتخرّج،

 “والآن ماذا؟” 

محمّلين بآمال وأحلام وتوقعات سواءً بِخُطة، بِمعرفة أو من غيرهما، 
ننطلق سعياً وبحثاً وسؤالاً…
فنجد انفسنا بمواجهة مفاجئه مع الواقع؛ بسوق العمل وتحدّياته،
بالمنافسة الشديدة و اللتي تزداد صعوبة مع كل جيل جديد،
بالشروط “المفروضة” علينا من كل اتجاه؛ مجتمعيّة، عائلية وذاتيّه.

” ان الصعود في مراقي النجاح اذن لا تعتمد على سعي الفرد وحسن تدبيره دائماً. فالفرد مُقيّد في هذه السبيل قيود لا تُحصى. فهو إن استطاعَ أن يتحرّر من قيوده النفسيه، مثلاً، وقفت في طريقة القيود الاجتماعية وضربته على رأسة “

علي الوردي

ثمّ تبدأ سلسلة من الرفض، الاحباطات وخيبات الامل.
وندخل بمرحلة تُعرف باكتئاب ما بعد التخرج (Post-Graduation Depression)
جهلنا بما سنواجِه جعل الامور أسوأ فنظُن أننا وحدنا من يُعاني وأن المشكلة تكمن فينا.
ولأننا بعمر لا نُعامل به كبالغين بمساحة لاتخاذ القرارات من المجتمع؛

المجتمع المُطالب بالانتاجية، المُلحّ بالاسئلة التي لا نملك لها أجوبة،
والمُعطي باستمرار لنصائحه وآرائه الغير مجدية من غير سؤالٍ عنها.

يتمكّن مننّا اليأس _برغمِ استمرارِنا بالسّعي_
تدريجيًا حماسنا يَقِل ، نبدأ نشعر بالعجز بعدم الانتاجية بالملل و الحزن.
ننعزل،  فَنحسّ بالوحده.
نتسائل عن وجودنا وعن ذاتنا بحيّز صغير محدود للاكتشاف.
نحزن على فرصنا الضايعة التي علمنا بها واللتي لم نعلم، 
على العالم والاشياء الغير مكتشفة،
على عمرنا ووقتنا المُهدر. 
احساسنا المستمر ان العالم يمشي من غير حضورنا الفتّان 
وأنّ الدُنيا تدور ونحنُ لسنا جُزء من هذا الدوران
محاصرين، مهمّشين وغير مرئيين.
وبسوداوية تطغى على حاضرنا غموض المستقبل لم يعد حالم، جميل ومليء بالامكانيات.


I was angry
so angry, because for so much of my life I have been shrinking
When I was a kid, I thought I was big enough to have every right to name something out of this world, and then I just started shrinking myself
By the time I met you, I’d already gotten so small. And I thought you knew how big I wanted to be. I thought you saw me. But you just stood by and let me shrink myself more for you

Lovecraft country,TV show_


ويبدأ نوع آخر من التساؤل:

هل بالغنا في تقدير أنفسنا ؟ 
هل توقعاتنا لا تتناسب مع قدراتنا؟
ولّا أحلامُنا الكبيرة مصيرُها التقلّص ؟

والسؤال الأكثرُ إلحاحاً: إلى مَتى ؟

أبقى أُسائلُ والجواب 
سيظلّ يحجُبه سراب 
وأظلّ أحسبُه دنا 
فإذا وصلتُ إليه ذاب 
وخبا وغاب
.

.


لوحة الرسام:
Brian Kershisnik

اكتب تعليقًا