شريكًا في البُكاء

بين الشهقة والأخرى تسحبُ نفس سيجارة،
بمنديلها الممتلئ بالتبغ والدموع، والمهترئ بين أصابعها الرقيقة المطلية بدمويّة مشعة تُجفّف البلل حول عينيها المكحلة بحِرفيّةٍ كبيرة.
تتبادل النظرات معه ” فاهمني؟ حاسس بيّا؟ دخل عيونك الحلوين معي حق؟.. “
بثبات مُهيب مُقابِل شفتاها المُرتجفتان، صوت قلبِها الّذي يخفق بِشدّة، بوقار وحنيّة؛ يومئ.
تذرف الدموع من جديد وها هو منديلها الوفي يتسابق مع نظراته الداعمة، الداعمة بِشدّة على مسح الثّقل من على روحها قبل الدموع من على وجهها.
هواء خفيف طيّر شَعرُها المُصفّف بعناية
ما أجملها!
ما أجملهم!
أُشاهدهم وسط ضجيج لا مُتناهي من كل اتجاه وصوّب، منعزلين بهالة خشوع بين الحشود لا يوجد سواهم: هو، هي، دموعها وابتساماته.
ارتوت روحي. حسّيت حُب، حِنيّة وحبّة غيرة.
لم نُخلق للوحدة.
التواصل البشري ضرورة، حاجة ومطلب.
نعم، المُشاركة جزء من كينونتا البشرية وطبيعتنا الانسانيّة. ومشاركة الدموع هي أجمل وأنقى وألذّ مُشاركة.


يا مَن خلقت الدمع لُطفًا
منك بالباكي الحزين
بارِك لعبدك بالدموع
فإنها نِعم المُعين

حافظ ابراهيم


اكتب تعليقًا